أشار رئيس مجلس إدارة مجموعة CMA CGM العالمية، رودولف سعادة، في حديث لصحيفتي "النهار" و"لوريان لوجور" الى ارتباطه الشديد بلبنان، مؤكدا أنه "أحاول المجيء بانتظام لمراجعة فرقنا وبُنانا التحتية. هذه المرة، رغبت في لقاء الحكومة الجديدة ورئيس الجمهورية لأفهم رؤيتهم للوضع. تحدّثت مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، وشعرت بوجود مناخ جديد... هناك رغبة حقيقية في التقدّم".

وأبدى سعادة ارتياحه لتشكيل حكومة جديدة وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، مشدداً على أن "الناس بحاجة إلى هذا الأمل، وقد آن الأوان لطيّ الصفحة والمضيّ قدماً على أسس جديدة. لن يتغيّر كل شيء بين ليلة وضحاها، لكن الإرادة موجودة".

وتابع :"أنا لا أراهن على لبنان، أنا لبناني، لا أستفيد من الوضع، بل أستثمر كما يستثمر أي لبناني يؤمن بإمكانيات هذا البلد. أملك مجموعة عالمية ورائي، لكن في لبنان، أعمل كلبناني أولاً، وورغم التحديات، نواصل العمل في لبنان في السراء والضراء".

وذكر سعادة "اننا نستثمر في النقل البحري، وناقشنا مع السلطات مسألة تمديد امتياز مرفأ بيروت، وتطوير مرفأ طرابلس والمنطقة الحرة هناك". وفي مجال اللوجستيات، تخطط المجموعة لتوسيع شبكة مستودعاتها، مشيراً إلى أن "الفرص موجودة، ولدينا الإرادة"، كاشفا عن مشروع قيد الدرس لتحويل لبنان إلى مركز إقليمي لطائرات الشحن التابعة للمجموعة. "نملك أسطولاً من خمس طائرات شحن من نوع بوينغ 777، وطائرة إيرباص A330، ونتوقع وصول 13 طائرة A350 خلال عامين. لبنان يتمتع بموقع جغرافي مثالي، ونحن ندرُس حالياً إمكانية إنشاء هذا المركز هنا".

وبحسب سعادة، فإن المطار ليس بالضرورة أن يكون في بيروت، مؤكدا أنه "نبحث في خيارات عدّة، أرسلت فريقي لزيارة مواقع مختلفة. ما نحتاج إليه هو مطار يمكنه استقبال طائرات تحمل أكثر من 100 طن. المشروع يعنيني شخصياً".

وأضاف :"أما في المجال التكنولوجي، فـ"لدينا حوالي 650 موظفاً في مراكز الخدمات المشتركة في لبنان، بالإضافة إلى مركز رقمي لتطوير التطبيقات يضم 150 شخصاً. نوعية الشباب اللبناني تثير إعجابي: شباب متعلّم، يتقن ثلاث لغات، resilient وطموح".

وشدد على أن "مؤسسة CMA CGM ملتزمة بقوة في لبنان، ولا سيما في مكافحة هشاشة الأمن الغذائي والعمل من أجل تحسين الوصول إلى تعليم عالي الجودة. وأعتمد على الفرق، تحت إدارة جو دقاق، لمواصلة دفع مشاريعنا العديدة إلى الأمام".

وأعلن سعادة عدم الإكتفاء بتمويل تعليم الطلاب، "بل نمنحهم فرصاً للعمل معنا"، لافتاً أيضاً إلى مشروع "École 42" الذي بدأ في لبنان في حزيران 2024 ويضم حالياً أكثر من 150 طالباً، كما تستثمر في مشاريع الطاقة البديلة، أبرزها ثلاث مزارع شمسية في شمال لبنان، جبل لبنان والبقاع، تنتج كلّ منها 15 ميغاواط، "الكهرباء مشكلة كبيرة في لبنان، لكننا نبدأ من مكان ما. ما نريده هو أن تكون استثماراتنا مفيدة لنا وللبلد".

واعتبر سعادة أن "ما سيجذب المستثمرين اليوم إلى لبنان فهو الدليل على تحسّن الأوضاع. لدينا حكومة قائمة، ولدينا حاكم جديد لمصرف لبنان. يجب أن نستمر في منحهم الثقة".

أما عن الوضع الإقليمي، أثر سعادة بتعقيده، لكنه أعرب عن تفاؤله الحذر: "السلام الإقليمي آتٍ، لكن سيستغرق وقتاً. هناك دول تتطور بسرعة مثل السعودية، الإمارات وقطر. نتابع ما يجري في سوريا عن كثب ونأمل أن نستأنف علاقتنا معها".

وبخصوص أزمة البحر الأحمر، شرح كيف اضطرّت المجموعة إلى تعديل مسارات سفنها والمرور عبر رأس الرجاء الصالح، ما أضاف أسبوعين إلى الرحلات، مع ما ترتب على ذلك من تكاليف إضافية. "في عالم مليء بالأزمات، يكمن مفتاح النجاح في القدرة على التكيّف. وهذا ما نفعله".

ورداً على سؤال حول الاستثمار الأخير في الولايات المتحدة، أعتبر أن الأخيرة تمثّل سوقاً استراتيجية للمجموعة، مؤكداً نية الشركة الاستمرار في تطوير البنى التحتية في الموانئ الأميركية، وبناء سفن، بدعم من إدارة ترامب، "نحن موجودون في أميركا منذ أكثر من 40 عاماً، ونتحدث مع المسؤولين حول تطوير النشاط البحري هناك. لا أعلم إن كان كل شيء سيتحقق، لكن الإرادة موجودة لتطوير النقل البحري. وهذا أمر يهم الرئيس ترامب وإدارته. وقد تبادلنا معه الحديث حول هذه المواضيع".

أضاف :""أعتقد أنه سيتوجب علينا الاستمرار في تقديم إعلام يوفّر معلومات ذات جودة، ومعلومات صحيحة. وهذا هو الأمر الأهم. طبعاً، الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً، لكن في عالم نميل فيه إلى النظر إلى هواتفنا أكثر من الصحف، سيتوجب علينا تكييف إعلامنا مع هذا التحول الرقمي. هذا التحول جارٍ، سواء في الصحافة أو في المجال السمعي البصري. والشراكات التي أقمناها مع جهات مثل Google أو Mistral، وهي شركة ناشئة فرنسية كبيرة، تساعدنا في تطوير أدوات رقمية تتيح لجمهورنا الوصول إلى محتوى أكثر تكيّفاً مع عالم سريع الحركة".

وشدد على ان "تركيز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يأتي من ايماني الكبير بهذه التقنيات الجديدة. هناك طبعاً بُعد اجتماعي يجب مراعاته، ولكن بعد أخذ كل هذه العوامل بعين الاعتبار، أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يساهم في التقدّم".